اعجبهم مقالك 1
✍ بقلم .. د.خالد محسن
وسط متغيرات دولية هادرة هدأت حرائق الجزائر ،واشتعلت الحرائق السياسية بين الملك والرئيس وأعلنت بلد المليون شهيد المقاطعة السياسية مع المغرب الشقيقة وسحب السفير ووقف التمثيل الدبلوماسي، في إشارة لما آلت إليه فتور العلاقات بين البلدين ، خلال الحقبة الأخيرة، بدأت بتصريحات غير ودية تحوي رسائل
واتهامات متبادلة وأجواء مشحونة ،ثم حملة مغربية لمقاطعة بعض المنتجات الجزائرية ومن بينها التمور ، وغيرها.
ومن جديد يثور تساؤل حول الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة وإتخاذ قرار القطيعة في هذا الظروف الملتبسة، والتي تصب لا محالة في صالح القوي الإقليمية والأممية، التي تتربص شرا بأمتنا العربية والإسلامية وتسعي لغرس بذور الشقاق الدائم والنزاعات الحدودية والخلافات المستدامة بين الأشقاء!
بذور الخلافات زرعتها الأيام وأزكت نيرانها أطراف غربية وخارجية ، وبدأت العلاقات فصلا جديدا من فصول التوتر ، فقد اتهمت الجزائر المغرب صراحة بانتهاج سياسات ،و"أفعال عدائية"!
وبقراءة للتاريخ نجد أن العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة منذ عقود، بأسباب تتعلق بقضية الصحراء الغربية المُتنازع عليها، فالجزائر تدعم جبهة البوليساريو المسلحة التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية عن المغرب وهي منطقة تعتبرها الرباط ضمن أراضيها.
وقد دعا مؤخرا العاهل المغربي الملك محمد السادس، الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، إلى العمل سويًا، دون شروط، لتطوير العلاقات الأخوية و بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة والحوار، مخاطبا الجزائريين بأن "الشر والمشاكل" لن تأتيهم أبدًا من المغرب.
وأكد ، في خطاب ألقاه في 31 يوليو الماضي بمناسبة "عيد العرش"، أن الوضع الحالي للعلاقات بين الرباط والجزائر لا يصب في مصلحة الشعبين، ودعا إلى فتح الحدود بين البلدين الشقيقين.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتأتي السياسة بما لا تشتهي الشعوب الحرة، فلم تكد تمر أيام على دعوة ملك المغرب الوديّة لإعادة المياه إلى مجاريها مع الجزائر، حتى خرج وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الخميس الماضي بتصريحات من الرباط أشعلت فتيل الأزمة بين البلدين مُجددًا.
حيث قال في ختام زيارته للمغرب: "لقد ناقشنا موضوع الصحراء والقضايا التي تهم البلدين، ولم نتطرق لأي صفقات تخص السلاح"!
وأضاف: نتشارك (إسرائيل والمغرب) مع بعض القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قربا من إيران ،وهي تقوم حاليا بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب !!
وهكذا أفسدت تل أبيب سريعا النوايا الطيبة وأحبطت محاولات عودة الوفاق بين الشقيقتين !!
واتصور أن فكرة المقاطعة السياسية قرار مؤلم تلجأ إليه الدول بصفة عامة في عالم العلاقات الدولية بعد إنسداد الأفق السياسي وحدوث تجاوزات وتدخلات في شئون الدولة ،وتعجز التفاهمات الدبلوماسيه عن إيجاد حلول.
وأتوقع أن قرار المقاطعة سيكون له عواقب وخيمة وتداعيات مادية ووجدانية وآثار نفسية مؤلمة ، وبالتبعية تتقلص تدريجيا حركة التبادل التجاري وتنمو المشاعر العدائية وروح التعصب بين شعبي البلدين.
وبعد القطيعة تعود العلاقات الجزائرية المغربية لنقطة الصفر وتبدو في الأفق من جديد ذكريات الحرب المؤلمة بعد الإستقلال عام 1963 ، التي أطلق عليهاحرب الرمال بسبب النزاعات الحدودية في الصحراء الغربيه ،والتي أزكي نيرانها الإستعمار السابق.
كما تجتر ذكريات سنوات الجفاء
خلال أكثر من ثلاثين عاما حيث عادت العلاقات بعد إنتهاء الحرب بين البلدين علي يد الرئيس الجزائري عام 1983
الأسبق الشاذلي بن جديد بعد لقائه بالملك الحسن الثاني ،لكنها تعرضت للتوتر من جديد في أواخر السبعينيات ، ثم فترات متفاوتة من الفتور، والإتهامات المتبادلة وإختلاف الرؤي والتوجهات حول المشاكل الحدودية وقضية التطبيع مع الكيان الصهيوني ورفض الجزائر القاطع ، وترحيب المملكة المغربية به، بل وسعيها لتطوير مختلف صور ،و أنماط وأشكال التطبيع مع إسرائيل،والتي ترفضها الشعوب العربية جملة وتفصيلا.
والمتابع المتفحص سيجد أن وراء كل كارثة أو مصيبة أو فرقة عربية دورا خبيثا لتل أبيب حيث أصبحت إسرائيل كلمة السر في توسيع هوة النزاعات العربية، وتستمد قوتها ووجودها من بث سموم الفرقة والفتنة والشقاق عربيا وإقليميا !!
وللأزمة وجه آخر فقد اتهمت الجزائر عناصر حدودية مأجورة بإشعال حرائق الغابات في 14 ولاية، والتي زاد عددها عن 71 حريقا ، وإعتبرتها جريمة كبري تهدد أمنها وإستقرارها ، كما أدانت من قبل قبول الرباط بتدشين قاعدة عسكرية دولية لقوات من حلف الناتو، قد تهدد أمن الجزائر ،و الأمن القومي العربي!
وربما يلتمس البعض الأعذار والمبررات لقرار القطيعة، لكنه يفتح الطريق لتعقيد العلاقات السياسية بين البلدين حاضرا وعلي المدي المنظور.
ويحسب للجزائر رغم جراحاتها سعيها لإستعادة دورها بالإتحاد الأفريقي ولم الشمل العربي ودعم التضامن العربي والقضية الفلسطينية وحق الشعب السوري في الحياة الآمنة ، علاوة علي مبادرتها الأخيرة لإحتواء أزمة سد النهضة والبحث عن مخرج لتعثر المفاوضات والتوصل لإتفاق ملزم في إطار زمني لإنهاء الأزمة بما يحقق مصلحة كافة الأطراف.
كنت أتمني أن تتريث الجزائر في قرارها قبل تأزيم وتصعيد المشكلة وبحث إمكانية تقريب وجهات النظر علي مائدة البيت العربي لدي جامعة الدول العربية ، لكن يبدو أنها أصبحت الحاضر الغائب فلا تقدم ولا تؤخر ولا تحرك ساكنا لوأد الخصومة وحل النزاعات العربية العربية إلا بعد فوات الأوان!!
عدد المتابعيين: 1
صحفي وكاتب مصري وأستاذ إعلام
اليوتيوب: 4444
تويتر : 55555
الفيس بوك : https://www.facebook.com/profile.php?id=100037809018285
الدخول سجل حتى تستطيع ان تعلق
كن اول من يكتب تعليق