اعجبهم مقالك 1
✍ بقلم.. د.خالد محسن
(نائب رئيس تحرير المساء)
يبدو أن الإنهيار القيمي سيكون هو السمة الغالبة لعالم اليوم في ظل صراع النفعية وطغيان القيم المادية،وفي تقديري أن آفة عالم اليوم هي نتاج طبيعي لمفرزات الرأسمالية القبيحة، وتوحشها وسيطرتها علي مقلدات الأمور دوليا وإقليميا ومحليا.
وقد ظهرت عمليا مؤشرات عيوب وسلبيات النظم الرأسمالية في الدول المتقدمة والمتأخرة والساعية للنمو علي حد سواء، وتسببت في تراجع القيم والسجايا المثالية، وتركيز الثروة في أيدي فئة قليلة من المجتمع تتراوح ما بين 5 - 20%، وظهور الطبقية وإستغلال العمال نتيجة مبدأ الأسعار الحرة والسوق المفتوح.
هذا علاوة علي حدوث أزمات اقتصادية حادة وتزايد معدلات البطالة في بعض الدول ، نتيجة إهمال الأبعاد الإجتماعية والإهتمام بكل ماهو مادي علي حساب منظومة القيم والمباديء.
وتتسارع دول العالم في سباق محموم مع الزمن لتحقيق السبق والنجاحات الحياتية والإنجازات المجتمعية ، لكنها تتنازل تدريجيا عن قيمها الإنسانية والإجتماعية والوجدانية، فلا صوت يعلو فوق صوت المصالح ورأس المال، بعد أن تحول التنافس إلي صراع لا أخلاقي للظفر والإستئثار بكل الغنائم في عالم أمسي منزوع الرحمة والتسامح !.
هل يتصور عاقل أن دول الغرب وأمريكا ودول كبري أخري في صدارة المشهد يتخوفون من المستقبل ومن حدوث أزمات ديموجرافية متوقعة ،ومن زيادة العمر الإفتراضي للإنسان، ومن ثم الزيادة المطردة في أعداد كبار السن ، مع تراجع ا
الفئة العمرية المتميزة (20-50عاما).
وظهرت دعوات لضرورة تغيير هذه التركيبة السكانية التي تهدد المنجزات الحضارية ومسافات التفوق بينها وبين دول العالم المتأخر ولو علي حساب التخلص تدريجيا من طبقة المسنين والمسنات، أو يسمونه بمصطلح "الأكلة المستهلكة"!!
كما بدأت دول أخري من الكبار كالصين واليابان تنتفض لتجنب الآثار السلبية لهذه الظواهر و تجديد شباب مجتمعاتها والتفكير جليا في وقف إتجاهات تحديد النسل وتقديم حوافز،ومساعدات لإنجاب طفل ثالث وتشجيع الزواج المبكر، ودعم العلاقات الإجتماعية السوية والعودة لأحضان الأسرة،باعتبارها الكيان الذي يضمن تحقيق تلك المبتغيات.
ويذهب بعض المحللين والفلاسفة إلي أن جموح الفكر الرأسمالي الأممي قد تدفعه لإفتعال أزمات وحروب للقضاء علي الفئات العمرية المنتجة المبدعة في مختلف الدول الساعية للنمو، والتي تمتلك قوي وموارد بشرية متنوعة، وضربوا مثلا بإشعال صراعات الفوضي الخلاقة المدمرة وكثرة عمليات القتل والتهجير في دول كالعراق وسوريا واليمن وغيرها.
وهناك وجهات نظر أخري تؤكد أن انتشار الأوبئة والأمراض المعدية ومختلف صور الحروب البيولوجية هو جزء لا يتجزأ من المعادلة الصعبة وحلقة من حلقات إعادة الإنتخاب الطبيعي والتخلص من الطبقة العاطلة ، كما فعلت دول غربية بالقارة العجوز إبان الشهور الأولي
لجائحة كوفيد 19، حيث أعطت الأولوية العلاج والرعاية وأجهزة التنفس الصناعي للفئات العمرية الأقل ،وضحت بمن صنعوا الماضي بجهدهم وعرقهم، وبعد ظهور اللقاحات المضادة للعدوي هناك معاناة تجاوزات لا إنسانية في هذا الشأن، وطالب ممثلو الأمم المتحدة بضرورة تحقيق عدالة وشفافية في توزيع اللقاحات والتحصينات بين الدول، وتوفير نصيب كاف للدول الفقيرة ،بعيدا عن فكرة المتاجرة والتربح!.
وفي هذا السياق المزري نقلت وكالة رويترز مؤخرا تصريحات وزيرة التجارة الأمريكية "جينا ريموندو"، ومفادها أن الرئيس جو بايدن لم يحصل بعد على دعم كاف من أقرانه الديمقراطيين لتأمين 400 مليار دولار للإنفاق على الرعاية بالمنزل للمسنين والمعاقين يحتاجها الاقتصاد بشدة.
وأضافت ريموندو أن ارتفاع أعداد المسنين في الولايات المتحدة سيوجه ضربة شديدة للبلاد، وضررا بالغا للاقتصاد الأمريكي مع ظروف استمرار تداعيات كورونا.
ويظهر أحدث تعداد أن من بين سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم حاليا 328 مليون نسمة فإن 54 مليونا، بنسبة 16.5%، فوق سن الخامسة والستين، وبحلول العام 2030 سيرتفع هذا الرقم إلى 74 مليونا.
والأمر الغريب أنه وسط هذه التوجهات الجديدة، يقدم الغرب مساعدات لوجستيه ومادية وعينيه لدعم فكر تنظيم أومنع النسل وتأخير الإنجاب لدي عدد كبير من الدول النامية والساعية للنمو، وأعتقد أن الهدف غني عن البيان والتوضيح، فالمجتمعات النامية والساعية للنمو، ما تزال مجتمعات شابة ، ولم تصبها الشيخوخة الفعلية والعقلية كما أصابت المجتمعات الغربية والمتقدمة !!
وتبقي الحقيقة المرة أن قيم ومباديء ومفاهيم حقوق الإنسان لدي دول الغرب، أصبحت مجرد شعارات فقط ومجرد أقنعة لتمرير وتبرير السياسات والتوجهات!!
عدد المتابعيين: 1
صحفي وكاتب مصري وأستاذ إعلام
اليوتيوب: 4444
تويتر : 55555
الفيس بوك : https://www.facebook.com/profile.php?id=100037809018285
الدخول سجل حتى تستطيع ان تعلق
كن اول من يكتب تعليق