الزراعات العمودية وأزمات الغذاء الأممية !!

اعجبهم مقالك 0

✍ بقلم.. د. خالد محسن
( مدير تحرير جريدة المساء المصرية)
يطفو علي سطح المعمورة من آن لآخر أزمات وإشكاليات لها أبعاد وتداعيات إستراتيجية وإقتصادية وإجتماعية وسياسية ،ومن أهما تزايد أزمات الغذاء الأممية ونقص الإنتاج الإمدادات كحصاد طبيعي لتنامي الإفساد بالأرض ولسياسات بشرية خاطئة أضرت بالبيئة الطبيعية وأخلت بالتوازن الكوني البديع وأسهمت بصورة مباشرة في إستنزاف الموارد وتزايد الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتوقف مشروعات التنمية المستدامة.
 
ويشهد العالم متغيرات متسارعة ،في الإقتصاد والسياسية والزراعة العصرية،وفي محاولة للتغلب علي تناقص المساحات المخصصة للزراعة ونمو العمران وإختفاء مساحات ساشعة من الأراضي  طور فريق من العلماء بالعديد من دول العالم تجارب المزارع  العمودية والتي بدأت منذ عدة سنوات،بهدف توفير الغذاء من الخضروات وبعض أنواع الفاكهة، وترشيد ميزانية إستيراد هذه الأنواع.

وتعتمد التجارب التقنية الجديدة علي زراعة كميات كبيرة من النباتات الغذائية والعطرية في صوب وأبنية رأسية خاصة لتوفير مساحات أفقية ،يعتمد بعضها علي ضوء الشمس والأخري علي أنوار المصابيح لإتمام عمليات التمثيل الغذائي.
وبغض النظر عن جودة هذه المنتجات والتكلفة الباهظة لهذه التقنيات، لكن كما يقولون "الحاجة أم الإختراع".

ولا عجب أن نري بعض الخضروات تنمو في أرفف تحت مصابيح الـليد فهذه مزرعة أو بالأحري مصنع كيهانا الواقع في حديقة علمية بشمال مدينة نارا باليابان يبدو مثل أي مصنع آخر ينتج بغزارة ناقلات حركة أوتوماتيكية أو مكونات إلكترونية، لكن هذه المنشأة تنتج "الخس" ، وتري داخل هذا المصنع أذرعا آلية تزرع شتلات الخس في أرفف عملاقة حيث تنمو تحت مصابيح "ليد"، في بيئة شبه معقمة بكامل طاقته، ،وينتج "كيهانا" نحو 30 ألف قطعة خس في اليوم.
المصنع الذي تمتلكه شركة تدعى "سبريد"، يعد أحد أكثر نماذج "المزرعة العمودية" تطورا في العالم، حيث تزرع النباتات داخل المبنى في أرفف مرصوصة ، غالبا دون تبة.
ويزدهر هذا الإتجاه في اليابان، حيث لا تتوافر الأراضي ولا العمالة واعتبار من عام 2007، بدأ الإنتاجية علي نطاق واسع، وفي عام 2013 أصبح مصنعا مربحا، ينافس بمنتجاته في الأسواق حسبما ذكر شينجي إينادا، الرئيس التنفيذي لـ"سبريد". 

وعلى مدى عقود ظل أنصار المزارع العمودية يبالغون في الفوائد المحتملة لهذا النوع من الزراعة الدقيقة، التي تساهم في تخفيضات استخدام الأراضي، والعمالة، والمياه، والأسمدة ، فالمزارع العمودية يمكن بناؤها في أي مكان ،مما يقلل الحاجة  لنقل الخضراوات إلى أسواق على بعد مئات الكيلومترات ومواصلة الإنتاج  في كل الموسم، ومهما كانت حالة الطقس.

وبغض النظر عن هذه المزايا، ومدي فاعلية هذه التقنيات، هناك وجهات نظر أخري تؤكد فشل معظم المزارع العمودية بسبب ارتفاع تكاليف المعدات الروبوتية والإضاءة الاصطناعية التي خسرت المعركة أمام الأسلوب الأكثر بساطة حيث التربة الطبيعية، والبيوت المحمية، والشمس ،لكن هذا الإتجاه يستقطب الآن موجة من استثمارات بعض الشركات، مثل "سبريد" و"بلنتي"، وهي شركة ناشئة أمريكية مدعومة بـ200 مليون دولار من مستثمرين من بينهم ماسايوشي سون، الرئيس التنفيذي لـ"سوفت بناك"، وجيف بيزوس، الرئيس
 التنفيذي لـشركة"أمازون".

ولعل الطريق إلى إنشاء مزرعة عمودية ذات جدوى اقتصادية ينطوي على تجهيزات أكبر لجني محصول وافر، وتقليل النفايات وتقليص ما يؤدي إلى تكاليف عمالة باهضة في مجالات مثل بذر البذور والحصاد والري وغيرها.

وأعتقد أن هذه التقنيات الحديثة الإصطناعية المكلفة ستلقي بظلال علي إعادة تقييم سياسيات العدوان علي البيئة، وإهمال الأراضي المتصحرة ، وإستغلال المساحات المهدرة الصالحة للزراعة 
لمواجهة الآثار السلبية لأزمات الغذاء المتفاقمة لدي الدول التي لا تمتلك أراض زراعية أو ظهير صحراوي يمكن إستغلاله.

وقد أضيف فكرة الزراعات العمودية لبنك أفكار الاستدامة البيئية ، حيث دمرت موجات المد والتزايد السكانى والكوارث الطبيعية وتباين أحزمة المطر والسيول والجفاف الكثير من النباتات والمزارع في الماضي، هناك أيضًا بعض الظروف المناخية السيئة التي لا تسمح بنمو وزراعة النباتات.

وقد انتشرت في الآونة الأخيرة هذه الفكرة علي نطاق واسع لإنتاج الغذاء والدواء في طبقات مكدسة رأسيًا ،و من خلال الأسطح المائلة عموديًا حيث يمكن التحكم في جميع العوامل البيئية، وتستخدم هذه المرافق التحكم البيئي الاصطناعي للضوء  والتسميد، هذا جعل زراعة المزيد من النباتات والمزارع أسهل خصيصا مع التزايد السكاني وإستمرار إستراتيجية الصناعات المكثفة التي ،تنتهجها الدول الكبري، والتي ستعمق الآثار السلبية المتصاعدة للتغيرات المناخية،  وتعقد مشكلات نقص الغذاء وهي من أخطر التحديات المعاصرة التي تهدد مستقبل سكان الأرض.

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه بقوة ..هل تنتبه الدول النامية والساعية للنمو ،لما لديها من كنوز وموارد طبيعية وثروات ومساحات ساشعة من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، مما يخرجها من نير الهيمنة والدوران في فلك دول العالم الأول الصناعيه، أم تواصل الإستسلام وتفقد تدريجيا أهم مقومات الحياة التنمية المستدامة ؟!.. سؤال مهم ربما تجيب عنه الأيام !!.

د.خالدمحسن

ارسل رسالة

عدد المتابعيين: 1

صحفي وكاتب مصري وأستاذ إعلام

اليوتيوب: 4444

تويتر : 55555

الفيس بوك : https://www.facebook.com/profile.php?id=100037809018285

التعليقات

كن اول من يكتب تعليق

الدخول سجل حتى تستطيع ان تعلق

اضف مقالك لان
موقع الكتاب العرب
هى مساحة مفتوحة لمحبى كتابة المقالات و نشرها

تابعنا على :