تحصين الفكر الإسلامي..وصراع التجديد والحديثة !!

اعجبهم مقالك 0

✍ بقلم.. د.خالد محسن 
( مدير تحرير جريدة المساء المصرية)
تجسير الفجوة المعرفية بين الأمس واليوم ومواجهة محاولات تزييف الوعي والتضليل والتشويه لكل ما يتعلق بالفكر والحضارة الإسلامية ، أصبح ضرورة عصرية تفرضها طبيعة المتغيرات الهادره المتلاحقة ، ومقتضيات الحصانة من مفرزات العولمة والنظام العالمي الجديد.

وكما أن آلات صناعة التكنولوجيا والتقنيات المعاصرة لاتتوقف عن التفنن في توسعة المسافة الحضارية فكريا وماديا بين دول العالم الأول ،والدول الناشئة والساعية للنمو.
 أيضا لا تهدأ تلك الماكينات الفكرية الزاعقة عبر كافة المنصات والفعاليات الثقافية  والإعلامبة، عن شن الهجمات الشرسة للنيل من معين الحضارية الإسلامية،  والإبقاء علي الفجوة الفكرية وفقا لمعتقدات الغرب، واستمرار الصراع والصدام لضمان التفوق الحضاري.  

وهذه المنافسة ،قديمة جديدة ، ولن تتوقف حتي قيام الساعة، فطبيعة الإختلاف سنة كونية، حتي يفصل الخالق سبحانه وتعالي بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.

والمتتبع الفاحص لوقائع التاريخ والأحداث ، سيرصد كيف  تصدي ثلة من رموز الفكر والفلسفة الإسلامية ، بمفهومها الشامل لكل أنشطة الحياة لتفيند حجج المغرضين ،وكشف زيف فكر هذا التجديد الأهوج والتحديث الأعمي المنقوص، والمساعي المحمومة لقبر تراث وكنوز الماضي العريق ،وموارتة بالتراب جملة وتفصيلا !.

كما سيرصد عددا من المعارك الفكرية  والثقافية ،خاضها رموز الفكر والتنوير ،وسيري كيف دفع المنبهرون بفكر وفلسفة الغرب الثمن غاليا ، وعاد كثير منهم إلي جادة الصواب وإلي المعين الصافي ،بعدما تيقنوا من زيف ما تحمله الحضارة الغربية من قيم ومباديء ظاهرية ومعايير مزدوجة ، ورفض المساواة في الحقوق الإنسانية والشعور بعقدة التفوق والعجب والغرور الحضاري. هذا علاوة علي طغيان القيم المادية وتقديس النفعية ،مع الإنهيار التدريجي لمنظومة الأخلاق تحت ستار الحرية الشخصية والإبداع.  
  وقد آثر كثير منهم العودة للأصول والينابيع التراثية الفياضىة ودعوا لفكرة توظيف منجزات الغرب الحضارة والعملية،والإستفادة بما أحرزه الغرب من نجاحات وتجارب، في العلوم الإجتماعية والطبيعية، بمنطق (خذ من خليك ما صفا ودع ما فيه الكدر).

وتستطيع أن ترصد محطات مهمة في هذا السياق والدعوة إلي التنوير والتجديد الراشد ،وإحياء علوم الدين، في فكر كبار رموز الفكر والفلسفة، مثل الأمام محمد عبده والإمام أبوحامد الغزالي وجمال الدين الأفغاني والشيخ علي عبدالرزاق وطه حسين ، ود.مصطفي محمود ود.محمد عمارة وغيرهم.
وخلص الراشدون لفكرة الإحياء والتحصين وتوظيف وتطويع أسباب العصر لدعم فكرة النهوض الحضاري من جديد. 

ومن الاتجاهات التي تشكل حائط صد فكري المؤتمرات والملتقيات والمشاركات العلمية التي يرعاها الأزهر الشريف من وقت لآخر ، ودعواته للاخذ بعلوم الإستقراء والإستنباط ،وفك شفرة العقل وإحالة قضية تطوير الفكر الديني للبحث المنهج العلمي ، وأراها تطورا مهما وقفزة تاريخية عملاقة لا يدركها إلا الحكماء والراسخون في العلم.

وعلي سبيل المثال لا الحصر،وبدعوي تجديد الفكر، أذكر أنه في بداية التسعينيات كانت هناك محاولات غربية لتغيير مفهوم الأسرة والعلاقات الإجتماعية،وعقدت عدة مؤتمرات دولية برعاية الأمم المتحدة،  تحت شعارات غريبة ومستوردة للعبث بالكيان الأسري ، استضافت القاهرة إحداها عام ١٩٩٤، حيث عقد مؤتمر الصحة والسكان ورفض الأزهر بقوة توصياته ومقترحاته ، إبان عصر شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق،  بعد أن أثار جدلا ولغطا واسعا، واستنكارا علي  المستويين الشعبي والفكري.

وفي عصرنا الراهن ومن وقت لأخر يتصدي شيخ الأزهر الأمام أحمد الطيب  لمحاولات تضليل الناس بفكرة تجديد الفكر الديني بالمفهوم العلماني المغلوط،وإلصاق فكرة الرجعية والتخلف والراديكالية، حتي للمعتدلين ، ومن بين ماصرح به مؤخرا .
(لم يكن تراث الأمة الإسلامية -في يوم من الأيام- عائقًا لها عن التقدم والتألق، والأخذ بأسباب القوة والعزة والمَنَعَة، وكذلك لم تكن السنة النبوية المطهرة حجر عثرةٍ في طريق بناء مجتمع متماسك يتمتع أفراده بخيرات الدنيا والآخرة.
وعلى المسلمين أن يقرأوا تاريخهم بعين بصيرة، وقلب سليم؛ ليتعلموا -من جديد- كيف يزاحمون شعوب العالم المتحضر، ويأخذون مكانهم بين صفوفها).

 وفي تصوري أننا بحاجة ماسة إلي مزيد من التعمق في دراسة التاريخ الإسلامي واستيعاب دروسه،  وتصحيح مفاهيم التحديث والحداثة ،وتوظيف الآليات العصرية لتطوير أساليب الدعوة بتعقل ووعي ،والحوار المتبادل مع الآخر ونشر المباديء الإسلامية السمحة وتعاليم عقيدتنا الوسطية، التي لا تعرف سوي الإعتدال وقبول الآخر وتغيير الواقع بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأيضا تجديد الدعوة لفكرة إدارة الواقع السياسي والإقتصادي وفقا للضوابط الشرعية والفقهية ، والإنسانية التي علمت الدنيا من قبل أصول وقيم الحق والعدل وحقوق الإنسان، فقد جربنا ما أفرزته حضارة وفكر الغرب، فكانت النتيجة المزيد من التخلف والجمود والإرتباك الحضاري.
كما أننا بحاجة لتحصين الفكر الديني، من تيار القيم المادية الجارف والرأسمالية المتوحشة ومن أفكار وسموم العلمانية والعولمة والحداثة ، وما وراء الحداثة، بمفهومها الغربي، لكن بمنطق الحكمة والتسامح،و التواصل والحوار الفعال المستدام مع الآخر، لا الصدام والعداء والخصومة الحادة.

د.خالدمحسن

ارسل رسالة

عدد المتابعيين: 1

صحفي وكاتب مصري وأستاذ إعلام

اليوتيوب: 4444

تويتر : 55555

الفيس بوك : https://www.facebook.com/profile.php?id=100037809018285

التعليقات

كن اول من يكتب تعليق

الدخول سجل حتى تستطيع ان تعلق

اضف مقالك لان
موقع الكتاب العرب
هى مساحة مفتوحة لمحبى كتابة المقالات و نشرها

تابعنا على :