اعجبهم مقالك 0
لم نَكنْ ننامُ في نفسِ السَّريرِ دائماَ ، لا حدّةً في المشاعرِ أو رفضاً للمُصالحة .. (( لا قدّر الله )) ، إنّما قليلٌ منَ البرود يُضفي سلاماً ، يُعيد المياه الغاضبة مجاريها .
في هذا الصّباح ، لم أكن معتاداً على تفادي صرخاتِها ومِزاجِها العكر ، كنتُ استقبله بابتسامةٍ لطيفةٍ ، وحبٍ أستعيدُهُ في كلِّ مساءٍ ، عندما أكونُ قد انطفأتُ كليٍاً ... لا أعلمُ ما الذي حدث اليوم كنت مضطراً للدفاع عن نفسي أقل ما أمكن القول ...
- ماذا تقصد أنّي أعاندكَ من غير عقل ..
= إنّكِ تتغيرين ...
كانت جملة فقط ...
قد خرجت من فاهي وكانت كفيلة للبَدءِ بشجارٍ لطالما قررنا تأجيله ..
وعلى عكسِ توقّعاتي لم تنبس ببنت شفة .
وقفت وعيناها تدمعان مِن غير إنذارٍ مُسبق ، للتجه نحوي ، في لحظةٍ غريبةٍ لم استطع حتّى قراءة ملامح وجهها فيها...
لأول مرة منذ التقيتها ..
لم استطع التنبّأ بحركتها التالية ...
لن أبرح مكاني مهما كلّف الامر ..
كان أول ما خيّلَ لي عند اقترابها في هذه اللحظة ... أن كلّ ذكرى سيئة تتبادر في ذاكرتها الآن لتُشعرها بالسوءِ نحوي .
في ذلك اليوم مثلاً ... عندما خرجنا وكنت مريضاً واعتذرتُ عن العشاء في بيت أبيها وكنتُ قد قلتُ لها أنَّ والدها كثير الإلحاح ، لا يعرف شيء عن متاعبِ الحياة .. لم تتكلم ولا حتى عاتبتني ، أعلم الآن أنّني كنت قاسياً ...
أمضيت شهرين كاملين لأرتّبَ لموعد عملٍ ، كنّت لأربحَ مبلغاً محترماً من صفقة لازالت معلقة منذ أكثر من سنة في دوائر الحكومة ... غَضبتُ في لحظة لم تكن ، ونعتّها بالخرقاء عندما قالت لي :
" عليكَ الإجتهاد أكثر لتحصل على تلكَ الصفقة "
الآن هي تقفُ أمامي وأشعرُ أن الأنتقامَ سيكونُ موجعاً لأضلعي ، بقدر تلكَ الدّموع التي تنهال على خديها ...
لا تزال الساعة السابعة والنصف صباحاً ، ليس توقيتاً جيداً لكسرِ المشاعر ..
أكان عليّ أن أدفن تلكَ الجملة في صدري آنفاً ..
أعلم ... أعلم الآن أنا من كنتُ أتغيّر ..
لم أعد لطيفاً كما كنت...
ما الجانب السيء منها أصلاً ...؟؟
فقد سعت واجتهدت منذُ كنّا سوياً في الجامعة ، لتكون مستقلّةً مادياً عنّي وعن عائلتها .. لقد عملت في كل شيء ، كانت ترسم لوحات على جدران المحال التجارية، تتقاضى عليها أجراً جيداً كفايةً ليضمن استمرار دراستها .. في كل يوم كانت تتغير في تسريحات شعرها وطريقة لباسها ، كي لا أشعر بملل من الروتين في شكلها ، كانت دائما تريد أن تجعلني أشعر أننا سواسية في كل شيء كي لا ترمي ثقلاً على عاتقي ...لا أطيق حمله ..
حتى أنها هي من اقترحت بوضع تلك الأريكة المريحة بجانب السرير .. كانت تعلم أنّي أحيانا أفضل النوم وحدي
كلّ ما أعنيه أن الحرب التي سميناها زواجا لاتزال تقرع طبولها .. و أنا اليوم من استأنفتها ...
قد غضّتْ البصر عنها لسنوات عدة ، لقد أصبحوا اليوم بالذات سبع سنوات بالتمام ..
لازالت تقف أمامي وكأنها تريد البوح بكل ما أخفته تلك السنين ، كان عَلَيَّ أن أنسحب منذ بداية من هذا العراك ..
لا مجال للأنسحاب الآن فقد أصبحت أمامي تماماً
لاشيء يساعدني على الوقوف أمامها سوى كبريائي الوهمي ..
تَقدمتْ خطوةً بخفةٍ لم ألحظها حتى ، لم ادرك ما حدثَ في هذه اللحظة .
سوى شعوري بأعصاب جسدي تنقبض على قلبي ... لقد أغمضتُ عينيَّ لوهلةٍ ، لرفةٍ واحدة ...
لأجد نفسي محكوماً بين ساعديها الرقيقين ، تمسح بكف يدها الأيمن على ظهري ، تهمس كلماتها السحريّة لتقول :
" دعك من هذا .. شمس تحبكَ ... اسفة " .
بنيامين
الدخول سجل حتى تستطيع ان تعلق
كن اول من يكتب تعليق